السبت، 24 ديسمبر 2011

حين أتذكرك .....

تلك هي كلمات بسيطة غير موزونة سجلتها في لحظات اشتياقي لأختي الغالية فداء.....



  • الخامس والعشرون من شهر كانون الأول لعام 2011 ثلاث سنوات مرت على رحيل شقيقتي فداء... فعلا الأيام دول وتكرر فقبل ثلاث سنوات دخلت أمي المشفى على اثر وعكة صحية وكنت معها ولحقت بنا أختي فداء إلى المستشفى وضمتني ضمة قوية لكأنها تعتذر مني كيف تركتني في هذا الموقف وحدي !
    وأصرت حينها على ملازمة أمي خلال فترة علاجها وبقيت معها ثلاثة أيام في المستشفى وبعد شهر تقريباً فداء تمرض ونظن انه مجرد مرض عادي ولكنها ما تلبث تتعب أكثر وأكثر أجرينا لها فحصا للدم وتبين أنها مريضه بادئ الأمر لم يخبرنا أبي ما بها وظننت انه مجرد مرض ما في الدم وستتعافى منه ولكن كان الوضع يوحي بان هناك شيئاً ما اكبر قرر أبي السفر بفداء إلى الأردن لمحاولة علاجها واصريت حينها على أن أرافقهما ....كم فرحت أنها ستسافر إلى الأردن كانت تحب السفر كثيراً إلى هناك ... 
    ودعت فداء نابلس بوداع حزين وكانت عيونها تودع جميع أهلها ... وفي الطريق همس أبي في أذني وقال لي الوضع صعب جداً يا بنيتي لم تسمح لي مخيلتي الطفولية أن استوعب خطورة ما نحن مقدمين عليه كنت أظنها أزمة وسنخرج منها وصلنا عمان وأودعنا فداء مستشفى هناك متخصص وتم إعادة التحاليل لها.. هناك سألتني ما بي قلت لها لا تخافي انه مرض عادي وستشفين منه فهي لم تعرف ما بها ورحلت دون أن تعرف ..... لحد الآن لا اعلم كيف بقيت صامدة ولم انهار فالموقف الذي كنت فيه صعب لكن الله سبحانه وتعالى أمدني بالعزيمة والصبر فله الحمد والشكر.

    كل دقيقة كانت تمر لازالت مسجلة في ذاكرتي متتابعة وحتى النهاية ..... جميع لحظاتها أوجاعها لازالت تسكنني ضحكاتها لازالت تفرحني كم احمد الله أن دبر لي أن أكون معها تلك اللحظات رغم قساوتها لكنها لحظات غالية جداً غبطتني عليها نور الصغيرة وأمي... وبعد يومين من وصولنا إلى عمان تعبت فداء كثيراً وتوقف قلبها وخرج أبي من عندها ليخبرني أنها فارقت الحياة .........
    لأول مرة في حياتي أتذوق مرارة الموت إنه لسعة تحرق القلب وتبقى غائرة في قلوبنا مهما مضت الأيام .....
    وضمني أبي بكل ما في قلبه من حزن وألم وحنان.... اصريت على أن ادخل لأودعها دخلت غرفتها فإذا هي مسجاة على السرير وآثار المرض والإعياء اختفت منها بدت كعروس في خدرها قبلت جبينها وخرجت بعد أن طبعت لها صورة أخيرة في مخيلتي واشتممت المسك منها ليبقى عبقه في قلبي مهما مضت الأيام ....

    عدت في صباح اليوم التالي بحزني إلى نابلس ولحقت بي فداء نعشاً وصلت إلى البيت فوجدته مليئاً وفي وسطه أمي ... ضمتني بحرقة كانت تلبس لباس السكينة والصبر ذلك فضل من الله سبحانه وتعالى أن من علينا بذلك الصبر والتجلد على هذه المحنة التي أصابتنا .....

    أمي بقيت تلبس لباس الحزن فهي فقد بنية عمرها ،فقدت ابنتها الكبرى وأول فرحتها ... ومن ما خفف علينا مصابنا حرب غزة التي أشعلتها إسرائيل بعد يوم واحد على وفاة شقيقتي فالحرب أتت على ما في غزة من بشر وشجر وبيت ودمرته وفي تلك اللحظات تذكرت حديثا دار بيني وبين فداء (سألتها ذات يوم إلى أي مكان في العالم تحبين الذهاب فردت علي إلى غزة أنا تعجبت منها وقلت لها إلى غزة !!! لحق أهل غزة بك شهداء يا فداء ... )
    كم اشتاق إلى حضنك الدافئ والى ابتسامتك الساحرة كم اشتاق إليك يا  أختي .........
    اشتاق إلى أن ترافقيني لحظاتي 
    اشتاق إلى أن تمنحيني دفئاً ومحبة من قلبك الصافي 
    اشتاق إلى أن اشعر أنني صغيرة إلى جانبك .....

    اشتاق إليك واعلم أن لا لقاء هنا مجدداً في هذه الحياة الفانية ولكني اسأل الله أن يجمعني بك في داره الآخرة بصحبة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم .

    اليوم يمر ثلاث سنوات على رحيل فداء... اليوم أمي في مراحل علاج صعبة من مرض صعب لكن فداء ليست معها لتلازمها لتخفف عنها... لكني أنا إلى جانبك يا أمي لا زلت هنا والى جانبك ومعك سأبقى أمدك بالعزيمة والصبر لكي نمر من هذه المحنة أنا مستيقنة ستشفين يا أمي بإذن الله .